أمي الحبيبة.. مصر
ثمانية وعشرون عاما وأنا أتحمل أكثر مما يتحمل كوبرى أكتوبر الساعة اتنين الضهر، ويوما بعد يوم وأنا أتحمل وجع (المرارة).. وكلما أرادت المسكينة أن "تفرقع" من الخنقة والغيظ ، أواسيها بأن الخير آت وأن الفكر الجديد الذي تتبناه أمانة السياسات سوف يكون طريقنا للعبور للمستقبل الذي ننتظره منذ عقود ولايأتي ابدا بأي خير ، خاصة وأن هذه الامانة هي وراء ما نعاني منه الآن لانها هي التي تدير مصر من وراء الستار وتؤمن بأن الليبرالية المتفشية هى الوسيلة السرمدية لمواجهة الراديكالية والشيوعية والماركسية والبمبوطية!! وحينما تقتنع مرارتي بكلامى تهدأ قليلا.. حتى يأتيها ما يثير شهيتها مرة أخرى للانفجار.
*******
تعلمت فى مدارس التعليم الحكومى حيث لا صوت يعلو على صوت الدروس الخصوصية وعلى ضرب العيال الغلابة.. وأتذكر كيف كان المدرس يحمل الطالب من شعره عاليا.. وكيف كان يكسر أصابعه لمجرد أنه اتكلم فى الفصل!! وحينما كان الطالب يشكو لأبيه.. كان الأخير يأتى للمدرس ويشجعه قائلا: حضرتك اكسر.. وانا أجبّس.. وعموما أنا عندى ولدين غيرُه !!
تعلمت فى مدرسة: الغش على أصوله.. الإبتدائية.. وصعدت إلى مدرسة: هتيجى الدرس ولاّ تسقط.. الإعدادية.. وبعد توفيق من الله انتقلت إلى مدرسة: احفظ.. عشان محدش فاهم حاجة.. الثانوية.. وصعدت إلى جامعة: هتتخرج تعمل إيه؟؟.. كلية: زيها زى غيرها.. لأكتشف بعد تخرجى أننى قضيت خمسة عشر عاما من الوهم التعليمى وذلك بعد أن اكتشفت أننى لم أعد أحفظ جدول الضرب لأنه كان مقررا علينا فى الابتدائية فقط
تخرجت من الجامعة وأنا أحمل فى خيالى أحلام العظماء.. وكيف أننى سأغير وجه التاريخ وسأكون أنا بفضل الله أفضل فائدة للبشرية من الموبايل أبو كاميرتين.. وحينما استيقظت من خيالى على صوت رمى زهر الطاولة على القهوة التى نجلس عليها أنا وجيلى وعشرة أجيال أخرى قبلنا..عرفت أن كلام الحكومة مدهون بزبدة.. يطلع عليه الشعب يسيح
*******
عاصرت طوابير العيش..وطوابير التأمينات.. وطوابير المعاشات.. وطوابير الحديد.. وطوابير بوابات معرض الكتاب أثناء التفتيش الذاتى للأمن
دخلت مستشفياتك ياأمي ... ورأيت أكثر من مريض يرقد على الأرض فى مستشفى الطوارئ لأنه بلا سرير.. وسمعت والد أحد أصدقائى.. كان مريضا بالسرطان.. وهو يرجونا أن ننقله من هنا حتى ولو كان الموت مصيره.. على الأقل سيموت كريما على فراشه وبالفعل نالها.. بعد أن قاسيت أنا شخصيا الأمرين من تعامل الممرضات والأطباء مع المرضى.. حيث كانت الممرضة تعطى العلاج بكل إهمال لمريض مصاب بالسرطان ويتلوى أمامها بينما هى تضحك مع زميلتها وتقول لها: البت سنية بنت الإيه اتخطبت لتالت مرة.. ومارجّعتش الدهب لخطيبها التانى
عاصرت أسعارك.. وحبانى الله أن أكون من الجيل الميمون الذى أصبحت فيه زجاجة الزيت باتناشر جنيه وكيلو الرز بخمسة جنيه وكيلو العدس.. اللى كان اسمه أكل السجون.. بخمستاشر جنيه.. ولن أستطيع أن أخبرك عن أسعار اللحوم والدجاج.. حد الله بينا وبينها.. عشان بيجيلى كرشة نفـَس بسببها !!
*******
عاصرت أجدع حكومة جت فيك يامصر.. حكومة أغفلت الشعب ومصالحه تماما.. حكومة لا تؤمن بالمثل القائل: الشعب الأبيض ينفع فى اليوم الأسود.. باعتبار انها المفروض تكرمنا يعنى جايز تحتاجنا في يوم من الأيام واطعم الفم تستحى العين.. وإنما تؤمن بأغنية محمد حماقى: ياانا.. ياانت
أتى علىَّ اليوم الذى أرى مصر تتصدر أخبار القنوات الفضائية ليس من أجل اختراع جديد اكتشفته ولا نصر حققته.. وإنما من أجل مصيبة جديدة حدثت.. ورأيت لأول مرة كلمة الشهداء تقترن بشعب آخر غير الشعب الفلسطينى.. فهناك ألف شهيد فى العبارة ومثلهم فى القطارات وأقل قليلا فى قصر الثقافة ومثلهم فى مطروح ومثلهم فى طريق الصعيد.. وبفضل الله عاصرت اليوم الذى أعرف فيه تسعيرة البنى آدم المصرى حيث وصلت تسعيرته بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الموفرة المدبرة إلى خمسة آلاف جنيه للقتيل وثلاثة آلاف للجريح.. وده أعلى سعر والله.. ولو مش عاجبك اسأل برة وتعالى
*******
كل هذا أتحمله وأنا صابر وساكت وراضى.. ولكن ما حدث اليوم لا يمكن السكوت عليه
أذهب فى أمان الله إلى بيت خطيبتى لأتناول الغداء.. كالعادة.. وأنا أتخيل كل ما تجود به المائدة العامرة المعتادة من أصناف اللحم والدجاج أو الأسماك والأرز بالخلطة ولسان العصفور.. طوال طريقى فى المترو وأنا أتخيل لحظة انقضاضى على الفريسة التى هى المائدة.. وكيف سيكون شعورى وأنا أرى لحما من الأحمر أبو أربعين جنيه؟؟
وعندما جلست على المائدة لأنتظر أصناف الطعام فوجئت بأطباق من الجبنة والمربى والعسل والعيش
احنا ماتفقناش على كده على فكرة
وفجأة تصارحنى حماتى أن أزمة أنابيب البوتاجاز قد وصلتهم مشكورة.. وأنه رغم وجودهم بالقرب من مستودع أنابيب بوتاجاز إلا أنهم لم يستطيعوا الظفر بأنبوبة واحدة
طيب أنا ممكن اقرأ عن الأزمة فى الجورنال.. إنما توصلّي أنا ليه؟؟
*******
لهذا كان خطابى هذا
لقد تحملت الكثير يا أمي العزيزة ولم أنطق ولم أعترض.. أما أن يصل الأمر لأن يكون غدائى جبنا
أتغدى جبنة ليه أنا يامصر؟؟
وأظن أن هذا أبسط حقوقى فى هذا المجتمع.. فلوس ومفيش.. وظايف ومفيش..عيش ومفيش.. ولما حتى نتغلب على همومنا ونجيب حتة لحمة منعرفش نطبخها؟؟.. طب لو مفيش غاز عندنا ما تستوردي يا أمي الحبيبة من إسرائيل شوية غاز من اللي بنصدره لها ببلاش !!!
منقول
ثمانية وعشرون عاما وأنا أتحمل أكثر مما يتحمل كوبرى أكتوبر الساعة اتنين الضهر، ويوما بعد يوم وأنا أتحمل وجع (المرارة).. وكلما أرادت المسكينة أن "تفرقع" من الخنقة والغيظ ، أواسيها بأن الخير آت وأن الفكر الجديد الذي تتبناه أمانة السياسات سوف يكون طريقنا للعبور للمستقبل الذي ننتظره منذ عقود ولايأتي ابدا بأي خير ، خاصة وأن هذه الامانة هي وراء ما نعاني منه الآن لانها هي التي تدير مصر من وراء الستار وتؤمن بأن الليبرالية المتفشية هى الوسيلة السرمدية لمواجهة الراديكالية والشيوعية والماركسية والبمبوطية!! وحينما تقتنع مرارتي بكلامى تهدأ قليلا.. حتى يأتيها ما يثير شهيتها مرة أخرى للانفجار.
*******
تعلمت فى مدارس التعليم الحكومى حيث لا صوت يعلو على صوت الدروس الخصوصية وعلى ضرب العيال الغلابة.. وأتذكر كيف كان المدرس يحمل الطالب من شعره عاليا.. وكيف كان يكسر أصابعه لمجرد أنه اتكلم فى الفصل!! وحينما كان الطالب يشكو لأبيه.. كان الأخير يأتى للمدرس ويشجعه قائلا: حضرتك اكسر.. وانا أجبّس.. وعموما أنا عندى ولدين غيرُه !!
تعلمت فى مدرسة: الغش على أصوله.. الإبتدائية.. وصعدت إلى مدرسة: هتيجى الدرس ولاّ تسقط.. الإعدادية.. وبعد توفيق من الله انتقلت إلى مدرسة: احفظ.. عشان محدش فاهم حاجة.. الثانوية.. وصعدت إلى جامعة: هتتخرج تعمل إيه؟؟.. كلية: زيها زى غيرها.. لأكتشف بعد تخرجى أننى قضيت خمسة عشر عاما من الوهم التعليمى وذلك بعد أن اكتشفت أننى لم أعد أحفظ جدول الضرب لأنه كان مقررا علينا فى الابتدائية فقط
تخرجت من الجامعة وأنا أحمل فى خيالى أحلام العظماء.. وكيف أننى سأغير وجه التاريخ وسأكون أنا بفضل الله أفضل فائدة للبشرية من الموبايل أبو كاميرتين.. وحينما استيقظت من خيالى على صوت رمى زهر الطاولة على القهوة التى نجلس عليها أنا وجيلى وعشرة أجيال أخرى قبلنا..عرفت أن كلام الحكومة مدهون بزبدة.. يطلع عليه الشعب يسيح
*******
عاصرت طوابير العيش..وطوابير التأمينات.. وطوابير المعاشات.. وطوابير الحديد.. وطوابير بوابات معرض الكتاب أثناء التفتيش الذاتى للأمن
دخلت مستشفياتك ياأمي ... ورأيت أكثر من مريض يرقد على الأرض فى مستشفى الطوارئ لأنه بلا سرير.. وسمعت والد أحد أصدقائى.. كان مريضا بالسرطان.. وهو يرجونا أن ننقله من هنا حتى ولو كان الموت مصيره.. على الأقل سيموت كريما على فراشه وبالفعل نالها.. بعد أن قاسيت أنا شخصيا الأمرين من تعامل الممرضات والأطباء مع المرضى.. حيث كانت الممرضة تعطى العلاج بكل إهمال لمريض مصاب بالسرطان ويتلوى أمامها بينما هى تضحك مع زميلتها وتقول لها: البت سنية بنت الإيه اتخطبت لتالت مرة.. ومارجّعتش الدهب لخطيبها التانى
عاصرت أسعارك.. وحبانى الله أن أكون من الجيل الميمون الذى أصبحت فيه زجاجة الزيت باتناشر جنيه وكيلو الرز بخمسة جنيه وكيلو العدس.. اللى كان اسمه أكل السجون.. بخمستاشر جنيه.. ولن أستطيع أن أخبرك عن أسعار اللحوم والدجاج.. حد الله بينا وبينها.. عشان بيجيلى كرشة نفـَس بسببها !!
*******
عاصرت أجدع حكومة جت فيك يامصر.. حكومة أغفلت الشعب ومصالحه تماما.. حكومة لا تؤمن بالمثل القائل: الشعب الأبيض ينفع فى اليوم الأسود.. باعتبار انها المفروض تكرمنا يعنى جايز تحتاجنا في يوم من الأيام واطعم الفم تستحى العين.. وإنما تؤمن بأغنية محمد حماقى: ياانا.. ياانت
أتى علىَّ اليوم الذى أرى مصر تتصدر أخبار القنوات الفضائية ليس من أجل اختراع جديد اكتشفته ولا نصر حققته.. وإنما من أجل مصيبة جديدة حدثت.. ورأيت لأول مرة كلمة الشهداء تقترن بشعب آخر غير الشعب الفلسطينى.. فهناك ألف شهيد فى العبارة ومثلهم فى القطارات وأقل قليلا فى قصر الثقافة ومثلهم فى مطروح ومثلهم فى طريق الصعيد.. وبفضل الله عاصرت اليوم الذى أعرف فيه تسعيرة البنى آدم المصرى حيث وصلت تسعيرته بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الموفرة المدبرة إلى خمسة آلاف جنيه للقتيل وثلاثة آلاف للجريح.. وده أعلى سعر والله.. ولو مش عاجبك اسأل برة وتعالى
*******
كل هذا أتحمله وأنا صابر وساكت وراضى.. ولكن ما حدث اليوم لا يمكن السكوت عليه
أذهب فى أمان الله إلى بيت خطيبتى لأتناول الغداء.. كالعادة.. وأنا أتخيل كل ما تجود به المائدة العامرة المعتادة من أصناف اللحم والدجاج أو الأسماك والأرز بالخلطة ولسان العصفور.. طوال طريقى فى المترو وأنا أتخيل لحظة انقضاضى على الفريسة التى هى المائدة.. وكيف سيكون شعورى وأنا أرى لحما من الأحمر أبو أربعين جنيه؟؟
وعندما جلست على المائدة لأنتظر أصناف الطعام فوجئت بأطباق من الجبنة والمربى والعسل والعيش
احنا ماتفقناش على كده على فكرة
وفجأة تصارحنى حماتى أن أزمة أنابيب البوتاجاز قد وصلتهم مشكورة.. وأنه رغم وجودهم بالقرب من مستودع أنابيب بوتاجاز إلا أنهم لم يستطيعوا الظفر بأنبوبة واحدة
طيب أنا ممكن اقرأ عن الأزمة فى الجورنال.. إنما توصلّي أنا ليه؟؟
*******
لهذا كان خطابى هذا
لقد تحملت الكثير يا أمي العزيزة ولم أنطق ولم أعترض.. أما أن يصل الأمر لأن يكون غدائى جبنا
أتغدى جبنة ليه أنا يامصر؟؟
وأظن أن هذا أبسط حقوقى فى هذا المجتمع.. فلوس ومفيش.. وظايف ومفيش..عيش ومفيش.. ولما حتى نتغلب على همومنا ونجيب حتة لحمة منعرفش نطبخها؟؟.. طب لو مفيش غاز عندنا ما تستوردي يا أمي الحبيبة من إسرائيل شوية غاز من اللي بنصدره لها ببلاش !!!
منقول