علاقات مصر والجزائر أكبر من مباراة كرة قدم
إسرائيل لم تفوت فرصة الحرب الإعلامية المستعرة بين مصر والجزائر على خلفية المباراة الكروية الفاصلة بين منتخبي البلدين في 14 نوفمبر / تشرين الثاني في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2010 وسارعت لإثارة الفتنة بينهما على أمل تمزيق الصف العربي أكثر وأكثر .
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية ركزت في الأيام الأخيرة على ما أسمتها حالة الغضب المحتدمة بين جماهير كرة القدم في مصر والجزائر بسبب مباراة 14 نوفمبر ، وفي محاولة مفضوحة لإثارة الفتنة بين البلدين الشقيقين ، ذكرت صحيفة " معاريف " أن الفريق المصري يتأهب للفوز على نظيره الجزائري في المباراة التي سيتأهل الفائز فيها إلى بطولة كأس العالم القادمة ، قائلة :" في 14 نوفمبر ، ستزلزل أرض ملعب القاهرة تحت أقدام لاعبي الجزائر، المباراة بمثابة حياة أو موت لمنتخبي البلدين من أجل الصعود ".
وركزت في هذا الصدد على الأخطاء التي وقعت فيها وسائل الإعلام الجزائرية والمصرية ، والتي كان من أبرزها سخرية البعض من شهداء الثورة الجزائرية عبر الإشارة إلى زيادة عدد شهداء الثورة المليون إلى مليون و11 في استاد القاهرة في إشارة إلى عدد لاعبي المنتخب الجزائري .هذا بالإضافة إلى محاولات البعض التقليل من أهمية الدعم المصري للثورة الجزائرية ، بجانب عرض فيديوهات لمشجعين جزائرين يحرقون قميص منتخب مصر بجانب عرض صور مسيئة تم تركيبها لمدرب المنتخب المصري ولاعبيه وغيرها من الأدلة التي تساق للبرهان على أن كره مصر والمصريين يملأ قلوب ونفوس جميع الجزائريين دون استثناء .
وأخيرا ، استندت صحيفة "معاريف" للتصريحات المنسوبة لبعض لاعبي المنتخب المصري لتزيد التوتر بين مصر والجزائر وركزت في هذا الصدد على تصريحات منسوبة للاعب أحمد حسن قال فيها مخاطباً لاعبي الجزائر :" إن ملعب القاهرة سيتحول إلى جهنم " ، كما استندت لتصريحات الفنانة الكبيرة وردة حول أمنيتها بفوز الجزائر وما أعقبها من دعوات لمنعها من دخول مصر .
الأخطاء السابقة وإن كانت تبعث على الحزن وتعتبرها إسرائيل فرصة ذهبية لتعميق الانقسام العربي ، إلا أن حقائق التاريخ وعلاقات الأخوة ورابط العروبة والإسلام لن تسمح لها بتنفيذ مثل تلك المؤامرة ، ولعل هذا ما ظهر في الإعلان عن زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمصر قبل مباراة 14 نوفمبر لبحث تعزيز العلاقات الثنائية ، كما ظهر في تعليق صحيفة "الخبر" الجزائرية على ما جاء في صحيفة معاريف ، حيث كتبت تقول :" إسرائيل تثير الفتنة بين مصر والجزائر" .
هذا بالإضافة إلى الإعلان عن بث مشترك بين التليفزيون الجزائري والقناة الفضائية المصرية عشية مباراة 14 نوفمبر ، حيث يتم تقديم برنامج يتطرق إلى العلاقات الجزائرية المصرية من الناحية السياسية والتاريخية والرياضية والفنية على أمل تلطيف الأجواء قبل تلك المباراة ولتأكيد رسالة مفادها أن المباراة تظل في النهاية مباراة كرة قدم وأخذت حيزا إعلاميا أكبر من حجمها من الجانبين المصري والجزائري .
وكان تقرر اختيار موعد الـ 13 من نوفمبر في حدود الساعة التاسعة ليلا لانطلاق البرنامج التليفزيوني الذي سيقدمه الصحفي الجزائري بوسالم كريم ويشهد حضورا مميزا لنجمي الغناء في مصر والجزائر محمد منير والشاب خالد .
وبجانب التحركات السابقة فإن حقائق التاريخ تؤكد أن إسرائيل لن تستطيع أن توتر العلاقات بين مصر والجزائر بأي حال من الأحوال وهذا يرجع لحقيقة بسيطة وهى أن دور الشعب المصري في ثورة نوفمبر المظفرة في الجزائر ودور الشعب الجزائري في حرب أكتوبر المجيدة والقواسم المشتركة بين البلدين هى أمور تشكل مناعة كبيرة في هذا الصدد .
فمعروف أن مصر قامت في الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر في المؤتمرات الدولية ، حيث أعلن عن بدء الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي من القاهرة عام 1954 وقدمت حكومة ثورة يوليو بقيادة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دعماً كبيراً لها سياسيا وإعلاميا وعسكريا ، بل وتعرضت مصر بسبب مواقفها المساندة للثورة الجزائرية لعدة أخطار كان من أبرزها العدوان الثلاثي عام 1956 الذي شاركت فيه فرنسا بجانب بريطانيا وإسرائيل انتقاما من مصر لدعمها جبهة التحرير الوطني الجزائري ، كما قامت فرنسا ببناء القوة الجوية لإسرائيل و تزويدها بالقدرات النووية انتقاما من مصر .
وتؤكد الوثائق التاريخية أنه عندما تولت مصر مهمة دعم الثورة الجزائرية وهى مهمة بدأت تقريبا فور انطلاق ثورة الجزائر في مطلع نوفمبر / تشرين الثاني 1954 وكان عمر الثورة المصرية حينها 27 شهرا كان أحد أهم أشكال هذا الدعم مد الثوار الجزائريين بالسلاح .
وبالنظر إلى أن الجزائر كانت بعيدة جغرافيا عن حدود مصر ، فقررت مصر حينها تزويدها بالسلاح عبر تونس والمغرب ، حيث كانت الدولتان نالتا الاستقلال عن فرنسا .
وما يؤكد حجم التضحية التي قدمتها مصر في هذا الوقت هو ما كشفته وثائق العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 والتي جاء فيها أن الدافع الفرنسي للمشاركة فيه كان بهدف القضاء على مصر الثورة لوقف أهم مصدر لتسليح الثورة الجزائرية أكثر من الانتقام لقيام مصر بتأميم قناة السويس بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر .
ووفقا لتلك الوثائق ، فإن هدف فرنسا وقتها كان إطاحة عبد الناصر للتخلص كليا من مصر الثورة ومن دورها في دعم الثورة الجزائرية ليس فقط بالسلاح بل بأوسع حرب إعلامية عرفها العرب في هذا الوقت ضد الاستعمار الفرنسي .
ويجب الإشارة هنا إلى أن العدوان الثلاثي لم يؤثر على موقف مصر ، واستمرت في تزويد الثورة الجزائرية بالسلاح لسنوات بعد ذلك حتى نالت الجزائر استقلالها في أول يوليو 1962 ، كما نجحت مصر في استصدار قرار من الأمم المتحدة عام 1960 يعترف بحق الجزائر في الاستقلال عن فرنسا .
وبجانب الدعم العسكري والسياسي ، فإن الدعم الإعلامي والثقافي والفني لم يقل أهمية ، فالنشيد الوطني الجزائري كان من تلحين الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي ، كما تغنى بانتصار الثورة الجزائرية ومجدها شعراء مصر وفنانيها وهناك أغنية مشهورة للفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ في هذا الصدد بعنوان "الجزائر" .
الجزائر لم تنس تلك المواقف ، حيث أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أكثر من مرة أن موقف مصر الداعم للثورة الجزائرية التي انطلقت في 1 نوفمبر 1954 ضد المستعمر الفرنسي ودامت 8 سنوات و استشهد فيها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري كان حاسماً في نجاحها وهو ما جعل مصر تدفع ثمن هذا الموقف بالعدوان الثلاثي علي أراضيها .
وفي حرب أكتوبر ، ظهر جليا تقدير الجزائر لدعم مصر لثورتها وحرب تحريرها من 1954 إلى 1962 ، وكانت الجزائر من أوائل الدول العربية التى ساعدت مصر فى تلك الحرب وشاركت بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية والذي ضم أكثر من 3 آلاف جندى وضابط وعشرات الدبابات والمدافع وأسراب الطائرات ، بل وذهب الرئيس الجزائرى الراحل هوارى بومدين إلى الاتحاد السوفيتى السابق لشراء طائرات وأسلحة لمصر وعندما طلب السوفييت مبالغ ضخمة أعطاهم بومدين شيكا فارغا وقال لهم اكتبوا المبلغ الذي تريدونه .
وفي مذكراته عن حرب أكتوبر، كشف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة في تلك الفترة أن دور الجزائر في حرب أكتوبر كان أساسيا وقد عاش بومدين ومعه كل الشعب الجزائري تلك الحرب بكل جوارحه بل وكأنه يخوضها فعلا في الميدان إلى جانب الجندي المصري . - شاركت جميع الدول العربية تقريبا في حرب 1973 طبقاً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، لكنها كانت مشاركة رمزية عدا سوريا والعراق والجزائر التي كان جنودها يشاركون بالفعل مع المصريين في الحرب بحماس وقوة على جبهة القتال .
وأضاف الشاذلي " اتصل بومدين بالسادات مع بداية حرب أكتوبر وقال له إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح فقال السادات للرئيس الجزائري إن الجيش المصري في حاجة إلى المزيد من الدبابات وأن السوفييت يرفضون تزويده بها وهو ما جعل بومدين يطير إلى الاتحاد السوفييتي ويبذل كل ما في وسعه بما في ذلك فتح حساب بنكي بالدولار لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري ".
ووفقا للشاذلي ، فإن بومدين هدد حينها القيادة السوفيتية قائلا : "إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابا للرأي العام العربي أقول فيه إن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربي وإنهم رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعوم من طرف الإمبريالية الأمريكية، ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر" .
وأكد الشاذلي أن الجزائر تعتبر ثاني دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 وكانت إسهاماتها كالتالى : 96 دبابة ، 32 آلية مجنزرة ، 12 مدفع ميدان ، 16 مدفع مضاد للطيران الجوي ، سرب من طائرات ميج 21 سربان من طائرات ميج 17 ، سرب من طائرات سوخوي وبلغ مجموع الطائرات حوالي 50 طائرة ، أما التعداد البشري فقد بلغ 2115 جنديا و812 ضابط صف و192 ضابط العتاد.
أيضا فإنه نقل عن الرئيس المصري الراحل أنور السادات القول حينئذ إن العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز والرئيس الجزائري هواري بومدين كان لهما دورا كبيرا في الانتصار الذي حققته مصر في حرب أكتوبر.
المواقف والتصريحات السابقة تؤكد أن علاقات مصر والجزائر لن تستطيع إسرائيل أو غيرها تعكيرها ، كما أنها أكبر من مباراة كرة قدم ، بل إن وصول أي من منتخبي البلدين لكأس العالم هو شرف لكل العرب وسيكون محل تشجيع ودعم الجميع .
تحياتى
لكلا الشعبين
إسرائيل لم تفوت فرصة الحرب الإعلامية المستعرة بين مصر والجزائر على خلفية المباراة الكروية الفاصلة بين منتخبي البلدين في 14 نوفمبر / تشرين الثاني في التصفيات النهائية المؤهلة لكأس العالم 2010 وسارعت لإثارة الفتنة بينهما على أمل تمزيق الصف العربي أكثر وأكثر .
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية ركزت في الأيام الأخيرة على ما أسمتها حالة الغضب المحتدمة بين جماهير كرة القدم في مصر والجزائر بسبب مباراة 14 نوفمبر ، وفي محاولة مفضوحة لإثارة الفتنة بين البلدين الشقيقين ، ذكرت صحيفة " معاريف " أن الفريق المصري يتأهب للفوز على نظيره الجزائري في المباراة التي سيتأهل الفائز فيها إلى بطولة كأس العالم القادمة ، قائلة :" في 14 نوفمبر ، ستزلزل أرض ملعب القاهرة تحت أقدام لاعبي الجزائر، المباراة بمثابة حياة أو موت لمنتخبي البلدين من أجل الصعود ".
وركزت في هذا الصدد على الأخطاء التي وقعت فيها وسائل الإعلام الجزائرية والمصرية ، والتي كان من أبرزها سخرية البعض من شهداء الثورة الجزائرية عبر الإشارة إلى زيادة عدد شهداء الثورة المليون إلى مليون و11 في استاد القاهرة في إشارة إلى عدد لاعبي المنتخب الجزائري .هذا بالإضافة إلى محاولات البعض التقليل من أهمية الدعم المصري للثورة الجزائرية ، بجانب عرض فيديوهات لمشجعين جزائرين يحرقون قميص منتخب مصر بجانب عرض صور مسيئة تم تركيبها لمدرب المنتخب المصري ولاعبيه وغيرها من الأدلة التي تساق للبرهان على أن كره مصر والمصريين يملأ قلوب ونفوس جميع الجزائريين دون استثناء .
وأخيرا ، استندت صحيفة "معاريف" للتصريحات المنسوبة لبعض لاعبي المنتخب المصري لتزيد التوتر بين مصر والجزائر وركزت في هذا الصدد على تصريحات منسوبة للاعب أحمد حسن قال فيها مخاطباً لاعبي الجزائر :" إن ملعب القاهرة سيتحول إلى جهنم " ، كما استندت لتصريحات الفنانة الكبيرة وردة حول أمنيتها بفوز الجزائر وما أعقبها من دعوات لمنعها من دخول مصر .
الأخطاء السابقة وإن كانت تبعث على الحزن وتعتبرها إسرائيل فرصة ذهبية لتعميق الانقسام العربي ، إلا أن حقائق التاريخ وعلاقات الأخوة ورابط العروبة والإسلام لن تسمح لها بتنفيذ مثل تلك المؤامرة ، ولعل هذا ما ظهر في الإعلان عن زيارة رسمية يقوم بها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لمصر قبل مباراة 14 نوفمبر لبحث تعزيز العلاقات الثنائية ، كما ظهر في تعليق صحيفة "الخبر" الجزائرية على ما جاء في صحيفة معاريف ، حيث كتبت تقول :" إسرائيل تثير الفتنة بين مصر والجزائر" .
هذا بالإضافة إلى الإعلان عن بث مشترك بين التليفزيون الجزائري والقناة الفضائية المصرية عشية مباراة 14 نوفمبر ، حيث يتم تقديم برنامج يتطرق إلى العلاقات الجزائرية المصرية من الناحية السياسية والتاريخية والرياضية والفنية على أمل تلطيف الأجواء قبل تلك المباراة ولتأكيد رسالة مفادها أن المباراة تظل في النهاية مباراة كرة قدم وأخذت حيزا إعلاميا أكبر من حجمها من الجانبين المصري والجزائري .
وكان تقرر اختيار موعد الـ 13 من نوفمبر في حدود الساعة التاسعة ليلا لانطلاق البرنامج التليفزيوني الذي سيقدمه الصحفي الجزائري بوسالم كريم ويشهد حضورا مميزا لنجمي الغناء في مصر والجزائر محمد منير والشاب خالد .
وبجانب التحركات السابقة فإن حقائق التاريخ تؤكد أن إسرائيل لن تستطيع أن توتر العلاقات بين مصر والجزائر بأي حال من الأحوال وهذا يرجع لحقيقة بسيطة وهى أن دور الشعب المصري في ثورة نوفمبر المظفرة في الجزائر ودور الشعب الجزائري في حرب أكتوبر المجيدة والقواسم المشتركة بين البلدين هى أمور تشكل مناعة كبيرة في هذا الصدد .
فمعروف أن مصر قامت في الخمسينات والستينات بتبني قضية الجزائر في المؤتمرات الدولية ، حيث أعلن عن بدء الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي من القاهرة عام 1954 وقدمت حكومة ثورة يوليو بقيادة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر دعماً كبيراً لها سياسيا وإعلاميا وعسكريا ، بل وتعرضت مصر بسبب مواقفها المساندة للثورة الجزائرية لعدة أخطار كان من أبرزها العدوان الثلاثي عام 1956 الذي شاركت فيه فرنسا بجانب بريطانيا وإسرائيل انتقاما من مصر لدعمها جبهة التحرير الوطني الجزائري ، كما قامت فرنسا ببناء القوة الجوية لإسرائيل و تزويدها بالقدرات النووية انتقاما من مصر .
وتؤكد الوثائق التاريخية أنه عندما تولت مصر مهمة دعم الثورة الجزائرية وهى مهمة بدأت تقريبا فور انطلاق ثورة الجزائر في مطلع نوفمبر / تشرين الثاني 1954 وكان عمر الثورة المصرية حينها 27 شهرا كان أحد أهم أشكال هذا الدعم مد الثوار الجزائريين بالسلاح .
وبالنظر إلى أن الجزائر كانت بعيدة جغرافيا عن حدود مصر ، فقررت مصر حينها تزويدها بالسلاح عبر تونس والمغرب ، حيث كانت الدولتان نالتا الاستقلال عن فرنسا .
وما يؤكد حجم التضحية التي قدمتها مصر في هذا الوقت هو ما كشفته وثائق العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 والتي جاء فيها أن الدافع الفرنسي للمشاركة فيه كان بهدف القضاء على مصر الثورة لوقف أهم مصدر لتسليح الثورة الجزائرية أكثر من الانتقام لقيام مصر بتأميم قناة السويس بقرار من الرئيس جمال عبد الناصر .
ووفقا لتلك الوثائق ، فإن هدف فرنسا وقتها كان إطاحة عبد الناصر للتخلص كليا من مصر الثورة ومن دورها في دعم الثورة الجزائرية ليس فقط بالسلاح بل بأوسع حرب إعلامية عرفها العرب في هذا الوقت ضد الاستعمار الفرنسي .
ويجب الإشارة هنا إلى أن العدوان الثلاثي لم يؤثر على موقف مصر ، واستمرت في تزويد الثورة الجزائرية بالسلاح لسنوات بعد ذلك حتى نالت الجزائر استقلالها في أول يوليو 1962 ، كما نجحت مصر في استصدار قرار من الأمم المتحدة عام 1960 يعترف بحق الجزائر في الاستقلال عن فرنسا .
وبجانب الدعم العسكري والسياسي ، فإن الدعم الإعلامي والثقافي والفني لم يقل أهمية ، فالنشيد الوطني الجزائري كان من تلحين الموسيقار المصري الراحل محمد فوزي ، كما تغنى بانتصار الثورة الجزائرية ومجدها شعراء مصر وفنانيها وهناك أغنية مشهورة للفنان المصري الراحل عبد الحليم حافظ في هذا الصدد بعنوان "الجزائر" .
الجزائر لم تنس تلك المواقف ، حيث أكد الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أكثر من مرة أن موقف مصر الداعم للثورة الجزائرية التي انطلقت في 1 نوفمبر 1954 ضد المستعمر الفرنسي ودامت 8 سنوات و استشهد فيها أكثر من مليون ونصف مليون جزائري كان حاسماً في نجاحها وهو ما جعل مصر تدفع ثمن هذا الموقف بالعدوان الثلاثي علي أراضيها .
وفي حرب أكتوبر ، ظهر جليا تقدير الجزائر لدعم مصر لثورتها وحرب تحريرها من 1954 إلى 1962 ، وكانت الجزائر من أوائل الدول العربية التى ساعدت مصر فى تلك الحرب وشاركت بالفوج الثامن للمشاة الميكانيكية والذي ضم أكثر من 3 آلاف جندى وضابط وعشرات الدبابات والمدافع وأسراب الطائرات ، بل وذهب الرئيس الجزائرى الراحل هوارى بومدين إلى الاتحاد السوفيتى السابق لشراء طائرات وأسلحة لمصر وعندما طلب السوفييت مبالغ ضخمة أعطاهم بومدين شيكا فارغا وقال لهم اكتبوا المبلغ الذي تريدونه .
وفي مذكراته عن حرب أكتوبر، كشف الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة في تلك الفترة أن دور الجزائر في حرب أكتوبر كان أساسيا وقد عاش بومدين ومعه كل الشعب الجزائري تلك الحرب بكل جوارحه بل وكأنه يخوضها فعلا في الميدان إلى جانب الجندي المصري . - شاركت جميع الدول العربية تقريبا في حرب 1973 طبقاً لاتفاقية الدفاع العربي المشترك، لكنها كانت مشاركة رمزية عدا سوريا والعراق والجزائر التي كان جنودها يشاركون بالفعل مع المصريين في الحرب بحماس وقوة على جبهة القتال .
وأضاف الشاذلي " اتصل بومدين بالسادات مع بداية حرب أكتوبر وقال له إنه يضع كل إمكانيات الجزائر تحت تصرف القيادة المصرية وطلب منه أن يخبره فوراً باحتياجات مصر من الرجال والسلاح فقال السادات للرئيس الجزائري إن الجيش المصري في حاجة إلى المزيد من الدبابات وأن السوفييت يرفضون تزويده بها وهو ما جعل بومدين يطير إلى الاتحاد السوفييتي ويبذل كل ما في وسعه بما في ذلك فتح حساب بنكي بالدولار لإقناع السوفييت بالتعجيل بإرسال السلاح إلى الجيشين المصري والسوري ".
ووفقا للشاذلي ، فإن بومدين هدد حينها القيادة السوفيتية قائلا : "إن رفضتم بيعنا السلاح فسأعود إلى بلدي وسأوجه خطابا للرأي العام العربي أقول فيه إن السوفييت يرفضون الوقوف إلى جانب الحق العربي وإنهم رفضوا بيعنا السلاح في وقت تخوض فيه الجيوش العربية حربها المصيرية ضد العدوان الإسرائيلي المدعوم من طرف الإمبريالية الأمريكية، ولم يغادر بومدين موسكو حتى تأكد من أن الشحنات الأولى من الدبابات قد توجهت فعلا إلى مصر" .
وأكد الشاذلي أن الجزائر تعتبر ثاني دولة من حيث الدعم خلال حرب 1973 وكانت إسهاماتها كالتالى : 96 دبابة ، 32 آلية مجنزرة ، 12 مدفع ميدان ، 16 مدفع مضاد للطيران الجوي ، سرب من طائرات ميج 21 سربان من طائرات ميج 17 ، سرب من طائرات سوخوي وبلغ مجموع الطائرات حوالي 50 طائرة ، أما التعداد البشري فقد بلغ 2115 جنديا و812 ضابط صف و192 ضابط العتاد.
أيضا فإنه نقل عن الرئيس المصري الراحل أنور السادات القول حينئذ إن العاهل السعودي الملك فيصل بن عبد العزيز والرئيس الجزائري هواري بومدين كان لهما دورا كبيرا في الانتصار الذي حققته مصر في حرب أكتوبر.
المواقف والتصريحات السابقة تؤكد أن علاقات مصر والجزائر لن تستطيع إسرائيل أو غيرها تعكيرها ، كما أنها أكبر من مباراة كرة قدم ، بل إن وصول أي من منتخبي البلدين لكأس العالم هو شرف لكل العرب وسيكون محل تشجيع ودعم الجميع .
تحياتى
لكلا الشعبين