جيوش السلفية الجهادية في غزة
في الفترة التي اعقبت تدهور وضع القاعدة في العراق، اخذت تولي اهتماما لايجاد بنية لها في المناطق المضطربة خارج العراق، ومنها قطاع غزة، وهو اهتمام تزايد مع تردي اوضاع حركة فتح العلمانية، وانتزاع حماس الممثل الاكبر للحركة الاسلامية الفلسطينية السيطرة منها بالقوة على قطاع غزة.
ورغم وجود بعض المجموعات السلفية الجهادية، ابرزها جيش الاسلام، منذ ما قبل سيطرة حماس على قطاع غزة، الا أن هذه المجموعات بقيت محدودة التاثير، ولعل اهم اسباب ذلك هو ارتهان هذه المجموعات في تمويلها لاجندات داخلية، ووجود نفوذ تاريخي للاسلام البراجماتي في فلسطين، ممثلا بجماعة الاخوان المسلمين، وذراعها حركة حماس، التي تخشى عواقب بروز حركات سلفية تشوش على نفوذها، أو تنازعها ويصعب ضبطها.
الخطورة من هذه المجموعات تكمن في كونهم اداة طيعة لتنفيذ اجندات، داخلية وخارجية، ومن مظاهر تجرؤ السلفية الجهادية المسلحة بالظهور، تدهور الوضع فى غزة, وحالة الانفلات الأمنى المصرية, ولكنها مع ذلك تخشى التصادم حاليا كونها لا تزال غير قوية, لكن من المرجح ان تكشف هذه المجاموعات عن دورها، عندما تسنح لها الفرصة، وبضمنها تنفيذ اية اجندة مطروحة اقليميا أو دوليا في القطاع وسيناء.
ولا شك ان ظهور السلفية الجهادية لا يروق لحماس والاخوان المسلمين فى مصر لتضارب منهج السلفية مع منهج الاخوان الوسطي، ولكن تحت الحصار لا يمكن منع من يدعي نيته الجهاد، شريطة عدم التعرض للمصالح العامة, ويبدو ان ثمة اتفاق ضمني بين حماس والاخوان والسلفية الجهادية على عدم تعكير صفو الأوضاع.
ويبقى القول ان حماس والاخوان المسلمين والسلفية الجهادية في تربص الواحد للآخر، فحماس بانتظار فك الحصار والاعتراف الاقليمي مبررا لقمع هذه المجموعات، ولكنها حال استمراره وضعف نفوذها فلن تقف حارسا لمن يحاصرها، أو حجر عثرة أمام أي ناقم على اعداءها.
وبدورهم ينتظر السلفيون الجهاديون فشل حماس بينما يواصلون وصفها والاخوان المسلمين بأنهم لا تقيمون شرع الله، ومع ذلك لا تزال تبرهن حماس قدرتها على انها الاقدر على لجم هذه المجموعات إن لقيت تسويقا دوليا.
ولذلك فإن ثمة اتفاق على أن استمرار وضع القطاع على حاله، وعدم وجود تسوية مقنعة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل من شأنه أن يدفع بنجم القاعدة والتطرف للصعود في الاراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة وسيناء المصرية، وهو ما اكد عليه يونس الاسطل احد قادة حماس الذي سبق له ان حذر من حتمية اقتحام تنظيم القاعدة للأراضي الفلسطينية، بسبب غياب ما اسماه الإرادة الحقيقية في التغيير من قبل القائمين على الأمر في السلطة الفلسطينية.
تنظيم القاعدة في فلسطين
تتحدث تقارير اسرائيلية خاصة، عن وجود تنظيم للقاعدة في فلسطين، بينما ينفي قيادي جيش الاسلام ان يكون التنظيم مرتبط بالقاعدة، الا انه يدعي أن للقاعدة تواجد في القطاع وفي الضفة الغربية وأراضي الـ48.
واللافت أن ثمة تقاطعا بين اعلان زعمي القاعدة الاول والثاني، وافكار السلفية الجهادية، التي عززت حضورها الاعلامي بعد الاهتمام الاستثنائي بفلسطين في تصريحات بن لادن والظواهري، حيث لم تتوقف القاعدة عن انتقاد براجماتية حماس ونزوعها للعملية السياسية والدخول في اتفاقيات، وفي ذات الوقت اخذت تحض على مهاجمة اسرائيل.
وتؤكد تصريحات قادة القاعدة، انهم بانتظار عواقب التزام حماس بالتهدئة على بنيتها الداخلية وبما يؤدي لتفكيك وحدتها الداخلية، وبحيث تصبح السلفية الجهادية التي تتبنى ايديولوجية القاعدة نقطة جذب لبعض عناصر الجناح العسكري لحماس، الذين ابدوا اعتراضاً على مرونة قيادة الحركة في الفترة الأخيرة، وتحفظوا بشدة على اتفاق التهدئة، خاصة ان الاتفاق لم يأت بأكله المطالب بفتح المعابر والربط بين التهدئة في القطاع والضفة الغربية.
وتأكيدا على أن غزة بات نصب اعين القاعدة، فقد نشرت بعض المواقع الجهادية مقالا لاحد قادة الصف الثاني في التنظيم، ويعتقد أنه "محمد خليل الحكايمة" زعيم تنظيم القاعدة في أرض الكنانة أو "أسد الجهاد 2". وفي المقالة التي جاءت تحت عنوان "توقيتُ دُخُولِ تَنظِيم القَاعِدة إلَى فلسطين"، دعا إلى التدقيق لما يرد من خطابات قادة القاعدة بحكم أنهم سيعلنان إشارة البدء للتجهيز والإعداد لدخول تنظيم القاعدة إلى أرض الإسراء، من خلال البدء في تخزين الطعام عبر طرق الحفظ المعروفة، وتخزين السلاح ووضع خرائط مشفرة له ...إلخ.
وأن الإعلان عن التنظيم لن يتم قبل انتهاء الانتخابات الأمريكية، وربما يتأخر "لخصوصية فلسطين وتركيبتها".
وعلل اسباب ارجاء القاعدة إعلان دخول فلسطين بقوله "حماس مع تنازلها عن بعض الثوابت والأصول الإسلامية، قد حوصرت وجوّع شعبها، وهي التي تقيم علاقات مع بعض الدول، فكيف لو تم الإعلان عن وجود تنظيم للقاعدة في فلسطين في هذا الوقت، أظن بأن سلبيات الإعلان كثيرة جداً، ونتيجة لذلك سيتنكر الكثير من أصحاب الأرض للقاعدة ويحاربوها ".
وأضاف "سيحتاج الإعلان عن إنشاء تنظيم للقاعدة أن يتحوّل فكر القاعدة إلى تيار يصعب السيطرة عليه أو التخلص منه وإن قلّت أعداده", وحث أنصار التنظيم على "التدرب على فنون القتال والتفخيخ والتفجير وصنع الصواريخ وطرق إدخال المهاجرين وإيوائهم وحمايتهم أول الأمر، وأخص بالذكر أهل العزة في غزة".
المجموعات السلفية الجهادية في قطاع غزة
ظهرت عدة مسميات سلفية جهادية في قطاع غزة، ارتبط ظهورها بتبني مسؤولية اعتداءات، وبينما اختفت بعض المسميات عن المسرح، الا من ثلاثة منها هي جيش الاسلام وجيش الامة وفتح الاسلام، استمرت على تأكيد استمرار حضورها.
جيش الاسلام
انطلق من رحم احدى عشائر القطاع, ويمكن وصفه بالاقوى بين المجموعات السلفية الجهادية التي ظهرت في القطاع، بحكم البيئة العشائرية التي تحتضنه وهي بيئة تعاني من التهميش, فاغلب عناصره من عشيرة دغمش، التي تتمتع بما يمكن وصفه بـ "مربع امني" لها في حي الصبرة بمنطقة الدغامشة, وتتصف العشيرة بأن اغلب أفرادها يعملون في تربية وبيع المواشي وما همش من الاشغال.
لا يوجد تقدير فعلي لاعداد مناصري جيش الاسلام، الا أن البعض يقدره بالمئات وليس الآلاف كما تدعي بعض التقارير.
يتمتع الجيش باسناد اعلامي من المواقع الجهادية التي تنشر عليها القاعدة والحركات السلفية الجهادية انشطتها، مثل مركز صدى الجهاد للاعلام، والجبهة الاعلامية الاسلامية العالمية.
يتزعم هذا الجيش ممتاز دغمش، الذي اخذ يطلق على نفسه اسما حركيا هو "ابو محمد الانصاري"، ويقال إن ممتاز دغمش يرتبط بعلاقة قوية مع السلفي الجهادي في فلسطين محمد جمعة أبو شباب أبو الساجد, ويعتقد البعض انه المرشح بقوة لتولى قيادة تنظيم"القاعدة في أرض الإسراء أو أرض الرباط" نظراً للحماية الكبيرة التي يحاط بها.
شخصية ممتاز دغمش ومسيرته محط انتقاد وتهكمات من قبل مناوئيه واغلبهم من حماس، فقد بدا نشاطه العسكري كرقيب اول في الامن الوقائي فترة رئاسة العقيد محمد دحلان، ويقال إنه عمل في "فرقة الموت" التابعة للجهاز، ولكنه استقال لينضم للعمل مع ابن عشيرته زكريا دغمش أحد قادة الوية الناصر صلاح الدين "الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية"، حيث بات قائد "سرية" فيها, وبرز اسمه بمشاركته في قتل موسى عرفات، وهي العملية التي يقال إنها تمت بالشراكة بينه وبين حلفاء له وخصوم سابقين في الامن الوقائي.
جيش الامة
اول اعلان عن وجود "جيش الامة" جاء في سبتمبر2007، حيث تبنى اطلاق قذيفتي هاون على المستوطنات انطلاقا من شرق خانيونس.
يتركز عناصر التنظيم الذين يقدرون بالعشرات في مدينتي رفح وخان يونس في جنوب القطاع, ويرتدون ملابس سوداء، لكنهم يغطون وجوههم ورؤوسهم بحطات فلسطينية حمراء وخضراء، ويضعون على جباههم عصابات حمراء كتب عليها "عصبة الموت", ويعزون وضع العصابات الحمراء إلى تقليد للصحابي أبو دجانة الذي كان يضعها "أثناء قتاله الكفار".
القيادي في التنظيم "أبو حفص المقدسي"، الذي يظهر تارة كونه ناطقا باسم التنظيم، وتارة تصفه التقارير باميرا له، أن تنظيمه موجود منذ عامين، ومع ذلك يقول مواطنون في غزة انهم لم يسمعوا بوجوده الا بعد شهور من سيطرة حماس على القطاع بالقوة.
يدعي ابو حفص ان من بين اعضاء جماعته "مجنّدين من أعضاء حماس والفصائل الأخرى الذين تحرروا من الوهم", وتؤكد مصادر فلسطينية أن عناصر هذا الجيش هم اصلا من سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الاسلامي، ولم تسجل عليهم انهم استهدفوا اية جهة فلسطينية او احنبية او مسيحية في غزة، وانهم عاديون وليس لديهم اجندة عالمية.
تبنى التنظيم بعض العمليات كاطلاق صواريخ قعقاع، وقنص، وابرز ما نسب اليه هو تبنيه عملية مشتركة مع الوية الناصر صلاح الدين استهدفت وزير الأمن الصهيوني آفي ديختر.
وقد حدد بيان تعريفي للجيش عن نفسه، حيث قال " نحن تيار إسلامي مجاهد يهدف إلى إقامة حكم الله في الأرض وتحرير ارض الاسراء والمعراج وتيارنا يتخذ من الجهاد منهجا للنهوض بالأمة من ذلها وتخلفها لتوحيدها وتحرير مقدساتها" كما ان تيارهم يهدف "إلى نقل المجتمع من الديمقراطية والعلمانية الكافرة إلى الاسلام من خلال إحياء روح الشريعة الإسلامية وتطبيقها ليكون الإسلام عقيدة وعبادة ونظام حياة", وأن تيارهم هو " تجمع مسلم يتبنى المشروع الإسلامي لمواجهة المشروع الغربي الصليبي في العالم، فالمشروع الإسلامي يقوم على إحياء فريضة الجهاد والعودة بالأمة إلى عقيدة السلف الصالح التي ترتكز على الكتاب والسنة".
حماس تسمح لجيش الامة بالعمل في اطار تفاهم غير مكتوب بأن ينأى عن السياسات الداخلية الفلسطينية والا يستخدم القوة لفرض معتقداته على شعب غزة.
جماعة فتح الاسلام
صدر بيان عما يسمى مجلس شورى جماعة فتح الإسلام فى أرض الرباط، ليعلن عن الشيخ أبي عبد الرحمن الغزاوي بات اميرا على الجماعة فى أرض الرباط, تزامن الاعلان مع تقرير لموقع ديبكا الاستخباري الاسرائيلي، ادعى ان حوالي 120 من مقاتلي التنظيم وصلوا القطاع قادمين من مخيم نهر البارد شمال لبنان بعد إستئصالهم من قبل الجيش اللبناني، وبصحبتهم كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر خصوصا صواريخ "أبومصعب الزرقاوي"، ومعبئين أيضا بفكر وأسلوب وطريقة عمل حركة طالبان الأفغانية.
وأعتبر أنه بوصولهم القطاع فإن تنظيم القاعدة وخاصة في المدن المصرية على إمتداد قناة السويس، وجد له نقطة إرتكاز خطيرة الأمر الذي يمكنهم من الدخول لقطاع غزة وإقامة مواقع عسكرية أيضا على أراضيه.
ومن المؤكد أن في قطاع غزة مجموعة صغيرة، اخذت تنشط تحت مسمى فتح الاسلام، فقد تبنى امير التنظيم الذي لم يجر حسم الجدل بشأن مصيره بعد معارك نهر البارد، في شريط تسجيلي اطلاق فتح الاسلام صاروخين او ثلاثة من طراز زرقاوي وهريرة على سديروت ومفتاحيم, وصاروخ زرقاوي على مفتاحيم شرق رفح، وصاروخين من نوع زرقاوي على منطقة النقب الغربي.
وفي المجمل فإن هذه المجموعة، تبقى محدودة التاثير، لا يستبعد دورانها في فلك القاعدة بناء على تبني الظواهري لجماعة فتح الاسلام في لبنان كحركة قاعدية، ولكنها للآن لم تستطع التاكيد على تبلورها في القطاع.
في الفترة التي اعقبت تدهور وضع القاعدة في العراق، اخذت تولي اهتماما لايجاد بنية لها في المناطق المضطربة خارج العراق، ومنها قطاع غزة، وهو اهتمام تزايد مع تردي اوضاع حركة فتح العلمانية، وانتزاع حماس الممثل الاكبر للحركة الاسلامية الفلسطينية السيطرة منها بالقوة على قطاع غزة.
ورغم وجود بعض المجموعات السلفية الجهادية، ابرزها جيش الاسلام، منذ ما قبل سيطرة حماس على قطاع غزة، الا أن هذه المجموعات بقيت محدودة التاثير، ولعل اهم اسباب ذلك هو ارتهان هذه المجموعات في تمويلها لاجندات داخلية، ووجود نفوذ تاريخي للاسلام البراجماتي في فلسطين، ممثلا بجماعة الاخوان المسلمين، وذراعها حركة حماس، التي تخشى عواقب بروز حركات سلفية تشوش على نفوذها، أو تنازعها ويصعب ضبطها.
الخطورة من هذه المجموعات تكمن في كونهم اداة طيعة لتنفيذ اجندات، داخلية وخارجية، ومن مظاهر تجرؤ السلفية الجهادية المسلحة بالظهور، تدهور الوضع فى غزة, وحالة الانفلات الأمنى المصرية, ولكنها مع ذلك تخشى التصادم حاليا كونها لا تزال غير قوية, لكن من المرجح ان تكشف هذه المجاموعات عن دورها، عندما تسنح لها الفرصة، وبضمنها تنفيذ اية اجندة مطروحة اقليميا أو دوليا في القطاع وسيناء.
ولا شك ان ظهور السلفية الجهادية لا يروق لحماس والاخوان المسلمين فى مصر لتضارب منهج السلفية مع منهج الاخوان الوسطي، ولكن تحت الحصار لا يمكن منع من يدعي نيته الجهاد، شريطة عدم التعرض للمصالح العامة, ويبدو ان ثمة اتفاق ضمني بين حماس والاخوان والسلفية الجهادية على عدم تعكير صفو الأوضاع.
ويبقى القول ان حماس والاخوان المسلمين والسلفية الجهادية في تربص الواحد للآخر، فحماس بانتظار فك الحصار والاعتراف الاقليمي مبررا لقمع هذه المجموعات، ولكنها حال استمراره وضعف نفوذها فلن تقف حارسا لمن يحاصرها، أو حجر عثرة أمام أي ناقم على اعداءها.
وبدورهم ينتظر السلفيون الجهاديون فشل حماس بينما يواصلون وصفها والاخوان المسلمين بأنهم لا تقيمون شرع الله، ومع ذلك لا تزال تبرهن حماس قدرتها على انها الاقدر على لجم هذه المجموعات إن لقيت تسويقا دوليا.
ولذلك فإن ثمة اتفاق على أن استمرار وضع القطاع على حاله، وعدم وجود تسوية مقنعة بين السلطة الفلسطينية واسرائيل من شأنه أن يدفع بنجم القاعدة والتطرف للصعود في الاراضي الفلسطينية وخاصة في قطاع غزة وسيناء المصرية، وهو ما اكد عليه يونس الاسطل احد قادة حماس الذي سبق له ان حذر من حتمية اقتحام تنظيم القاعدة للأراضي الفلسطينية، بسبب غياب ما اسماه الإرادة الحقيقية في التغيير من قبل القائمين على الأمر في السلطة الفلسطينية.
تنظيم القاعدة في فلسطين
تتحدث تقارير اسرائيلية خاصة، عن وجود تنظيم للقاعدة في فلسطين، بينما ينفي قيادي جيش الاسلام ان يكون التنظيم مرتبط بالقاعدة، الا انه يدعي أن للقاعدة تواجد في القطاع وفي الضفة الغربية وأراضي الـ48.
واللافت أن ثمة تقاطعا بين اعلان زعمي القاعدة الاول والثاني، وافكار السلفية الجهادية، التي عززت حضورها الاعلامي بعد الاهتمام الاستثنائي بفلسطين في تصريحات بن لادن والظواهري، حيث لم تتوقف القاعدة عن انتقاد براجماتية حماس ونزوعها للعملية السياسية والدخول في اتفاقيات، وفي ذات الوقت اخذت تحض على مهاجمة اسرائيل.
وتؤكد تصريحات قادة القاعدة، انهم بانتظار عواقب التزام حماس بالتهدئة على بنيتها الداخلية وبما يؤدي لتفكيك وحدتها الداخلية، وبحيث تصبح السلفية الجهادية التي تتبنى ايديولوجية القاعدة نقطة جذب لبعض عناصر الجناح العسكري لحماس، الذين ابدوا اعتراضاً على مرونة قيادة الحركة في الفترة الأخيرة، وتحفظوا بشدة على اتفاق التهدئة، خاصة ان الاتفاق لم يأت بأكله المطالب بفتح المعابر والربط بين التهدئة في القطاع والضفة الغربية.
وتأكيدا على أن غزة بات نصب اعين القاعدة، فقد نشرت بعض المواقع الجهادية مقالا لاحد قادة الصف الثاني في التنظيم، ويعتقد أنه "محمد خليل الحكايمة" زعيم تنظيم القاعدة في أرض الكنانة أو "أسد الجهاد 2". وفي المقالة التي جاءت تحت عنوان "توقيتُ دُخُولِ تَنظِيم القَاعِدة إلَى فلسطين"، دعا إلى التدقيق لما يرد من خطابات قادة القاعدة بحكم أنهم سيعلنان إشارة البدء للتجهيز والإعداد لدخول تنظيم القاعدة إلى أرض الإسراء، من خلال البدء في تخزين الطعام عبر طرق الحفظ المعروفة، وتخزين السلاح ووضع خرائط مشفرة له ...إلخ.
وأن الإعلان عن التنظيم لن يتم قبل انتهاء الانتخابات الأمريكية، وربما يتأخر "لخصوصية فلسطين وتركيبتها".
وعلل اسباب ارجاء القاعدة إعلان دخول فلسطين بقوله "حماس مع تنازلها عن بعض الثوابت والأصول الإسلامية، قد حوصرت وجوّع شعبها، وهي التي تقيم علاقات مع بعض الدول، فكيف لو تم الإعلان عن وجود تنظيم للقاعدة في فلسطين في هذا الوقت، أظن بأن سلبيات الإعلان كثيرة جداً، ونتيجة لذلك سيتنكر الكثير من أصحاب الأرض للقاعدة ويحاربوها ".
وأضاف "سيحتاج الإعلان عن إنشاء تنظيم للقاعدة أن يتحوّل فكر القاعدة إلى تيار يصعب السيطرة عليه أو التخلص منه وإن قلّت أعداده", وحث أنصار التنظيم على "التدرب على فنون القتال والتفخيخ والتفجير وصنع الصواريخ وطرق إدخال المهاجرين وإيوائهم وحمايتهم أول الأمر، وأخص بالذكر أهل العزة في غزة".
المجموعات السلفية الجهادية في قطاع غزة
ظهرت عدة مسميات سلفية جهادية في قطاع غزة، ارتبط ظهورها بتبني مسؤولية اعتداءات، وبينما اختفت بعض المسميات عن المسرح، الا من ثلاثة منها هي جيش الاسلام وجيش الامة وفتح الاسلام، استمرت على تأكيد استمرار حضورها.
جيش الاسلام
انطلق من رحم احدى عشائر القطاع, ويمكن وصفه بالاقوى بين المجموعات السلفية الجهادية التي ظهرت في القطاع، بحكم البيئة العشائرية التي تحتضنه وهي بيئة تعاني من التهميش, فاغلب عناصره من عشيرة دغمش، التي تتمتع بما يمكن وصفه بـ "مربع امني" لها في حي الصبرة بمنطقة الدغامشة, وتتصف العشيرة بأن اغلب أفرادها يعملون في تربية وبيع المواشي وما همش من الاشغال.
لا يوجد تقدير فعلي لاعداد مناصري جيش الاسلام، الا أن البعض يقدره بالمئات وليس الآلاف كما تدعي بعض التقارير.
يتمتع الجيش باسناد اعلامي من المواقع الجهادية التي تنشر عليها القاعدة والحركات السلفية الجهادية انشطتها، مثل مركز صدى الجهاد للاعلام، والجبهة الاعلامية الاسلامية العالمية.
يتزعم هذا الجيش ممتاز دغمش، الذي اخذ يطلق على نفسه اسما حركيا هو "ابو محمد الانصاري"، ويقال إن ممتاز دغمش يرتبط بعلاقة قوية مع السلفي الجهادي في فلسطين محمد جمعة أبو شباب أبو الساجد, ويعتقد البعض انه المرشح بقوة لتولى قيادة تنظيم"القاعدة في أرض الإسراء أو أرض الرباط" نظراً للحماية الكبيرة التي يحاط بها.
شخصية ممتاز دغمش ومسيرته محط انتقاد وتهكمات من قبل مناوئيه واغلبهم من حماس، فقد بدا نشاطه العسكري كرقيب اول في الامن الوقائي فترة رئاسة العقيد محمد دحلان، ويقال إنه عمل في "فرقة الموت" التابعة للجهاز، ولكنه استقال لينضم للعمل مع ابن عشيرته زكريا دغمش أحد قادة الوية الناصر صلاح الدين "الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية"، حيث بات قائد "سرية" فيها, وبرز اسمه بمشاركته في قتل موسى عرفات، وهي العملية التي يقال إنها تمت بالشراكة بينه وبين حلفاء له وخصوم سابقين في الامن الوقائي.
جيش الامة
اول اعلان عن وجود "جيش الامة" جاء في سبتمبر2007، حيث تبنى اطلاق قذيفتي هاون على المستوطنات انطلاقا من شرق خانيونس.
يتركز عناصر التنظيم الذين يقدرون بالعشرات في مدينتي رفح وخان يونس في جنوب القطاع, ويرتدون ملابس سوداء، لكنهم يغطون وجوههم ورؤوسهم بحطات فلسطينية حمراء وخضراء، ويضعون على جباههم عصابات حمراء كتب عليها "عصبة الموت", ويعزون وضع العصابات الحمراء إلى تقليد للصحابي أبو دجانة الذي كان يضعها "أثناء قتاله الكفار".
القيادي في التنظيم "أبو حفص المقدسي"، الذي يظهر تارة كونه ناطقا باسم التنظيم، وتارة تصفه التقارير باميرا له، أن تنظيمه موجود منذ عامين، ومع ذلك يقول مواطنون في غزة انهم لم يسمعوا بوجوده الا بعد شهور من سيطرة حماس على القطاع بالقوة.
يدعي ابو حفص ان من بين اعضاء جماعته "مجنّدين من أعضاء حماس والفصائل الأخرى الذين تحرروا من الوهم", وتؤكد مصادر فلسطينية أن عناصر هذا الجيش هم اصلا من سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الاسلامي، ولم تسجل عليهم انهم استهدفوا اية جهة فلسطينية او احنبية او مسيحية في غزة، وانهم عاديون وليس لديهم اجندة عالمية.
تبنى التنظيم بعض العمليات كاطلاق صواريخ قعقاع، وقنص، وابرز ما نسب اليه هو تبنيه عملية مشتركة مع الوية الناصر صلاح الدين استهدفت وزير الأمن الصهيوني آفي ديختر.
وقد حدد بيان تعريفي للجيش عن نفسه، حيث قال " نحن تيار إسلامي مجاهد يهدف إلى إقامة حكم الله في الأرض وتحرير ارض الاسراء والمعراج وتيارنا يتخذ من الجهاد منهجا للنهوض بالأمة من ذلها وتخلفها لتوحيدها وتحرير مقدساتها" كما ان تيارهم يهدف "إلى نقل المجتمع من الديمقراطية والعلمانية الكافرة إلى الاسلام من خلال إحياء روح الشريعة الإسلامية وتطبيقها ليكون الإسلام عقيدة وعبادة ونظام حياة", وأن تيارهم هو " تجمع مسلم يتبنى المشروع الإسلامي لمواجهة المشروع الغربي الصليبي في العالم، فالمشروع الإسلامي يقوم على إحياء فريضة الجهاد والعودة بالأمة إلى عقيدة السلف الصالح التي ترتكز على الكتاب والسنة".
حماس تسمح لجيش الامة بالعمل في اطار تفاهم غير مكتوب بأن ينأى عن السياسات الداخلية الفلسطينية والا يستخدم القوة لفرض معتقداته على شعب غزة.
جماعة فتح الاسلام
صدر بيان عما يسمى مجلس شورى جماعة فتح الإسلام فى أرض الرباط، ليعلن عن الشيخ أبي عبد الرحمن الغزاوي بات اميرا على الجماعة فى أرض الرباط, تزامن الاعلان مع تقرير لموقع ديبكا الاستخباري الاسرائيلي، ادعى ان حوالي 120 من مقاتلي التنظيم وصلوا القطاع قادمين من مخيم نهر البارد شمال لبنان بعد إستئصالهم من قبل الجيش اللبناني، وبصحبتهم كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر خصوصا صواريخ "أبومصعب الزرقاوي"، ومعبئين أيضا بفكر وأسلوب وطريقة عمل حركة طالبان الأفغانية.
وأعتبر أنه بوصولهم القطاع فإن تنظيم القاعدة وخاصة في المدن المصرية على إمتداد قناة السويس، وجد له نقطة إرتكاز خطيرة الأمر الذي يمكنهم من الدخول لقطاع غزة وإقامة مواقع عسكرية أيضا على أراضيه.
ومن المؤكد أن في قطاع غزة مجموعة صغيرة، اخذت تنشط تحت مسمى فتح الاسلام، فقد تبنى امير التنظيم الذي لم يجر حسم الجدل بشأن مصيره بعد معارك نهر البارد، في شريط تسجيلي اطلاق فتح الاسلام صاروخين او ثلاثة من طراز زرقاوي وهريرة على سديروت ومفتاحيم, وصاروخ زرقاوي على مفتاحيم شرق رفح، وصاروخين من نوع زرقاوي على منطقة النقب الغربي.
وفي المجمل فإن هذه المجموعة، تبقى محدودة التاثير، لا يستبعد دورانها في فلك القاعدة بناء على تبني الظواهري لجماعة فتح الاسلام في لبنان كحركة قاعدية، ولكنها للآن لم تستطع التاكيد على تبلورها في القطاع.